عقدت لجنة التشريع العام جلسة بعد ظهر يوم الخميس 15 ماي 2025 خصصتها للإستماع إلى كل من الهيئة الوطنية للمحامين ومجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية حول مقترح القانون الأساسي عدد 13/2023 المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي.
وأكّد عميد الهيئة الوطنية للمحامين على أن الهيئة لا ترى مانعا في تنظيم مهنة المستشار الجبائي ، مبديا في المقابل تحفّظه على مقترح القانون المعروض على أنظار اللجنة . واعتبر أن تنظيمها في شكل هيئة يفترض أن يكون للنشاط مرجعية تاريخية وأن تكون الإستشارة الجبائية إختصاصا مطلقا لمهنة دون سواها، وهو ما لا يتوفّر في مهنة المستشار الجبائي باعتبار أن الإستشارة الجبائية يمكن أن يمارسها الخبراء المحاسبون والمحاسبون وكذلك المحامون.
كما اعتبر أنّ ما تم التنصيص عليه من إمكانية التمثيل والترافع أمام سائر المحاكم والهيئات القضائية والتأديبية والتعديلية والتحكيمية من قبل المستشار الجبائي يتعارض مع المواثيق الدولية والمرسوم عدد 79 لسنة 2011 المؤرخ في 20 أوت 2011 المنظم لمهنة المحاماة الذي أسند هذا الإختصاص حصريا إلى المحامين. وأضاف في ذات السياق أن تخصيص زي خاص للمستشار الجبائي يمثّل اعتداء على تقاليد مهنة المحاماة باعتبار أن جميع القوانين نصّت على أن حضور المحامي أمام جميع المحاكم والهيئات يكون بزي خاص ومحدد بالنص. هذا بالإضافة إلى اللبس الذي سينجر عن ذلك في أروقة المحاكم لدى المتقاضين وما يمكن ان يرافقه من تجاوزات لأخلاقيات مهنة المحاماة.
وأوضح ان مقترح القانون في صيغته المعروضة على أنظار اللجنة يتضمّن خللا منهجيا في التصوّر حيث تضمّن تداخلا في الاختصاصات مع عدد من المهن الأخرى لاسيما مهنة المحاماة . وأكّد ضرورة أن يكون تنظيم مثل هذه المهن في إطار إصلاح وتصوّر شامل تراعى فيه صلاحيات كل مهنة دون تداخل أو تضارب.
من جهتهم، عبّر ممثلو مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية عن رفضهم لمقترح القانون، معتبرين أنّه تضمّن تعديا صارخا على مجالات تدخّل المهن المعنية بالجباية بالرجوع إلى القوانين المنظّمة لها وللدور الأساسي الذي تقوم به في سير عمل المنظومة القانونية والإجرائية للمالية العمومية، حيث اسند اختصاصا حصريا للمستشار الجبائي وفي ذلك إقصاء لمهنة المحاسبة من إسداء الخدمات الجبائية خاصة .
كما أوضحوا أنّ النتيجة المحاسبية تمثّل الأساس القانوني الوحيد لاحتساب الضريبة وجباية المؤسسات وفي ذلك ضمانة لاحتساب الموارد الجبائية الحقيقية للدولة، واعتبروا أنّ منح المستشار الجبائي هذا الاختصاص بصفة حصرية من شأنه التأثير سلبا على تعبئة هذه الموارد . وأضافوا أنّ تعدّد المتدخلين في الملف المحاسبي من شأنه إثقال كاهل المؤسسة الاقتصادية ماليا وإجرائيا .كما بيّتوا أنّ العدد الحالي للمستشارين الجبائيين لا يمكن أن يغطي النشاط الاقتصادي بالبلاد مما سيؤثر على مداخيل الدولة الجبائية ويساهم في التهرب الضريبي .
وأفادوا أنه خلافا لما تضمّنه شرح الأسباب، فإنه بالرجوع للقوانين والتجارب المقارنة فإن التشريعات المنظّمة لمهن المحاسبة تمكّن صراحة ممتهني المحاسبة من إسداء الخدمات الجبائية للمؤسسات. هذا وأكّدوا ضرورة التفكير في تصوّر شامل في إطار نظرة استشرافية نحو التوجّه السّائد في البلدان المتقدمة في توحيد هذه المهن ضمن مجال المحاسبة.
وفي تفاعلهم، أكّد النواب أن اللجنة في إطار تعميق نظرها في مقترح القانون المعروض على انظارها والإلمام بجميع جوانبه، تنتهج مقاربة تشاركية لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المتداخلة ضمن رؤية شمولية تأخذ بعين الإعتبار تداخل الإختصاصات وخصوصيات كل مهنة على حدة وتطور متطلبات المجتمع والاقتصاد الوطني والاستئناس بالتجارب الفضلى.
واعتبر عدد من النواب أنّ ما تمّ التنصيص عليه ضمن الفصل 2 من مقترح القانون حول مهام المستشار الجبائي لم يرد بصيغة إفراد المستشار الجبائي حصريا بها، كما أن الإشارة بالفصل 3 إلى أن مباشرة مهنة المستشار الجبائي تقتصر على من هم مرسمون بجدول هيئة المستشارين الجبائيين لا تؤدي إلى معنى إقصاء بقية المهن من القيام بأعمال تتعلق بالجباية.
هذا وأبدى النواب استعدادهم لمراجعة شاملة للنصوص التشريعية التي تنظم عمل المهن القضائية ومهن المحاسبة وإصلاح معمّق في إطار ثورة تشريعية حقيقية تقطع مع المحاصصة القطاعية.
Post comments (0)