عقدت لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد جلسة كامل يوم الجمعة 16 ماي 2025 خصصتها للاستماع إلى ممثلين عن البنك المركزي التونسي والى ممثلين عن منظمة الدفاع عن المستهلك بخصوص مقترح القانون عدد 42/2024 المتعلق بتنظيم ممارسة نشاط التسويق والترويج على المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وذلك بحضور لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة كلجنة معنية بإبداء الراي حول هذا المقترح تبعا لتوصية مكتب المجلس في الغرض.
وبين ممثلو البنك المركزي التونسي في تدخلاتهم أن التأطير القانوني للتجارة الالكترونية يعتبر عنصرا هاما للإصلاح والاستشراف وركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد والتهرّب الضريبي وإرساء شفافية المعاملات التجارية. وأكّدوا ضرورة العمل على إيجاد معادلة تمكّن من الحفاظ على حرية ممارسة الأنشطة الاقتصادية من جهة وحماية الصالح العام عبر حماية المستهلك والمدّخرات العامة للبلاد من جهة أخرى. واعتبروا أنّ بلادنا كانت سبّاقة عالـميا في تنظيم قطاع التجارة الالكترونية عبر اصدار القانون عدد 83 لسنة 2000 المؤرخ في 9 أوت 2000 المتعلق بالمبادلات التجارية والتجارة الإلكترونية وغيره .
كما أكّدوا أهمية التشجيع على استعمال الدفع الالكتروني، مشيرين الى أنه رغم تضاعف عمليات الدفع الرقمي خلال السنوات الأخيرة، تتم حوالي 70% من المعاملات المالية الحالية عن طريق الدفع النقدي. مشيرين الى وجود استراتيجية لدى البنك المركزي التونسي لتنمية هذا المجال.
كما تطرقوا الى مقترح القانون مشيرين الى تداخله مع عدة قوانين أخرى تهمّ تسويق الخدمات البنكية وخدمات التأمين وخدمات الدفع واشتراكه تقريبا في نفس المحاور مع أحكام القانون عدد 83 لسنة 2000 آنف الذكر.
وقدّموا جملة من المقترحات الجوهرية التي تهم محتوى المقترح على غرار ضرورة مراجعة منظومة العقوبات المنصوص عليها حتى لا تتعارض مع التشريع الجاري به العمل.
وفيما يتعلّق بالجانب الرقابي أكّدوا ضرورة تدعيم الرقابة القبلية مع الرفع من مستوى التناسق بين فرقة الأبحاث ومراقبة التجارة الالكترونية المضمنة بالمبادرة التشريعية موضوع نظر اللجنة و مختلف هياكل الرقابة الحالية التابعة للوزارات المتدخلة، وذلك بهدف تفادي عدة إشكاليات على غرار إمكانية تسليط عقوبات مضاعفة.
من جهتهم، أكّد ممثلو منظمة الدفاع عن المستهلك في تدخلاتهم أن المنظمة تتلقي عديد التشكيات الناتجة عن تعرّض المستهلك الى عمليات التحيّل والغش في مجال البيع عن بعد والتجارة الالكترونية. وبيّنوا أنّ المنظمة تعمل على الجانب التحسيسي والتوعوي للمستهلك بدفعه الى ضرورة التعامل مع الصفحات الـموثوق بها والمؤمنة.
وقدّموا جملة من التوصيات والمقترحات الشكلية المرتبطة بمقترح القانون المعروض كمزيد تدقيق بعض العبارات غير الواضحة والقابلة للتأويل، وأخرى جوهرية على غرار الحدّ من عدد الوثائق الـمطلوبة للقطع مع التعقيد والاقتصار على مضمون السجل الوطني للمؤسسات الذي من خلاله يمكن للإدارة الوصول الى كافة المعطيات عبر الربط البيْني بين مصالح الدولة، فضلا عن الدعوة الى التقليص من الإجراءات المضمنة بالمقترح. كما دعوا الى اعتماد الإيداع الالكتروني لكراسات الشروط وكل الوثائق المصاحبة وتكريس التعامل الالكتروني مع الإدارة تماشيا مع التوجه العام للدولة نحو رقمنة الخدمات الإدارية إضافة الى تنظيم وتأطير قطاع خدمات التوصيل.
وأكّد ممثلو المنظمة أهمية حماية المعطيات الشخصية للمستهلك ودعم آليات العمل المتاحة لإدارة التجارة الالكترونية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات وتعزيز صلاحياتها بما يمكّنها من القيام بمهامها على الوجه الـمطلوب، إضافة الى التفكير في خطة جماعية لرفع الوعي الذاتي للمستهلك التونسيي.
وفي تفاعلهم مع ما تمّ عرضه، بيّن أعضاء اللجنتين أن هذا المقترح يهدف الى التشجيع على الانخراط في الاقتصاد الـمنظم والحد من التهرب الضريبي الذي يُعتبر أكبر مُعضلة تحول دون التنمية الاقتصادية، فضلا عن حماية حقوق الأطراف المتداخلة في مجال التجارة الالكترونية ومكافحة المخالفات المرتكبة في هذا الإطار، إضافة الى العمل على فتح آفاق تشغيل جديدة لفئة الشباب والحد من ظاهرة البطالة.
واعتبر النواب أن تطوير وسائل الدفع الالكتروني هي أنجع وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية وفرض رقابة ناجعة على هذا القطاع. كما تقدّموا بجملة من التساؤلات حول مدى توفر احصائيات لدى منظمة الدفاع عن المستهلك بخصوص التشكيات الواردة في مجال البيع عن بعد والتجارة الالكترونية. ودعوا المنظمة الى تعزيز دورها التوعوي و التحسيسي في اتجاه مزيد العمل على الجانب الاتصالي ودعم تدخل المنظمة ميدانيا وذلك بهدف مزيد كسب ثقة المواطن.
وقدّم الضيوف جملة من الإيضاحات والمعطيات حول تساؤلات وملاحظات النواب، مُعبّرين عن استعدادهم للتفاعل الايجابي مع اللجنة في اتجاه مزيد تجويد هذه المبادرة التشريعية والوصول بها الى الغاية التي اقتُرحت من أجلها.
وستواصل اللجنة النظر في المقترح المعروض عليها خلال جلسات مقبلة.
Post comments (0)