في إطار اهتمامها بالشأن الصحي والتعليمي، استضافت إذاعة “الحياة أف أم” في برنامج سياسات الصحة اليوم السبت 31 ماي 2025 العميد السابق لكلية الطب ابن الجزار بسوسة، الدكتور والأستاذ هادي خيري، في لقاء خاص خصص للحديث عن التميّز في التكوين الطبي في تونس.
تفوق طلبة كلية الطب بسوسة في المناظرات الوطنية يعكس جودة التكوين:
وخلال الحوار، أبرز الدكتور خيري تفوق طلبة كلية الطب بسوسة، مشيرًا إلى النتائج المتميزة التي حققوها في المناظرات الوطنية، حيث تصدّر أحد طلبتها مناظرة التخصص الأخيرة على المستوى الوطني، بالإضافة إلى كون السبع الطلبة الأوائل في هذه المناظرة أربع منهم ينتمون لكلية الطب بسوسة وهو دليل على مستوى التكوين الرفيع الذي توفره المؤسسة.
و أرجع الدكتور خيري هذه النجاحات إلى عمله ضمن مجلس علمي ملتزم يؤمن بالتجديد والتطوير، مشيدًا بروح التعاون والابتكار التي طبعت المسار الأكاديمي والإداري للكلية خلال فترة إشرافه.
اعتماد دولي وشهادات جودة تعزز مكانة كلية الطب بسوسة:
وسلّط الضوء على النجاحات التي حققتها كلية الطب بسوسة، مؤكدًا أن الكلية تحصلت سنة 2021 على شهادة الاعتماد في المجال الصحي، وهو اعتراف رسمي بالجودة الأكاديمية والتربوية التي توفرها، وبدورها في تقديم تعليم طبي يطابق المعايير الدولية، بالإضافة إلى شهادة المطابقة للمواصفات الدولية ISO 21001:2018، الخاصة بأنظمة إدارة المؤسسات التعليمية، وهو ما يمثل اعترافًا دوليًا بجودة تنظيمها الأكاديمي والبيداغوجي.
خطوة تاريخية في التعليم الطبي بالإنجليزية وتعزيز الدور الإقليمي للكلية:
وفي سابقة وطنية، قال الدكتور هادي خيري أن الكلية انطلقت لأول مرة في تونس في تقديم بعض المسارات التعليمية باللغة الإنجليزية، معتبرًا أن “الأمر لم يكن سهلاً، لكنه كان ضروريًا لضمان انفتاح طلبتنا على الأوساط الطبية الدولية ومواكبة التكوين العالمي”.
وأشار الدكتور خيري إلى أن هذه الإنجازات ما كانت لتتحقق لولا العمل داخل مجلس علمي نشيط يؤمن بالتجديد والتطوير، مما سمح للكلية بالحفاظ على ريادتها الأكاديمية والطبية.
وأضاف أن الكلية تلعب دورًا محوريًا على الصعيد الجهوي والوطني، حيث تشعّ على عدد من المستشفيات الكبرى في ولايات سوسة، القيروان، سيدي بوزيد والقصرين، مما يوسّع نطاق تأثيرها في تكوين الأطباء وتأطيرهم ميدانيًا.
الطالب محور العملية التكوينية:
وشدّد الدكتور خيري على أن طالب الطب هو المركز في الكلية، وهو محور العملية التكوينية والتربوية، مشيرًا إلى أن كل الجهود البيداغوجية والإدارية توجّه أساسًا لتطوير مهارات الطالب وتأهيله ليكون طبيبًا .
المحاكاة الطبية ركيزة أساسية لتطوير التكوين الطبي في كلية الطب بسوسة:
وبين المتحدث أن الكلية تحتضن مركزًا متطورًا للمحاكاة الطبية، يُعدّ من أبرز المرافق التكوينية الحديثة بالكلية.
وأكد أن هذا المركز يُمثل عنصرًا أساسيًا في تطوير مهارات الطلبة، حيث يوفّر بيئة تدريبية واقعية وآمنة تُتيح للطلبة محاكاة مختلف الحالات السريرية، واكتساب كفاءات عملية دقيقة في مجالات الفحص، التشخيص، والتدخل الطبي.
كما شدّد العميد على أن المحاكاة الطبية تُعدّ من الركائز البيداغوجية المعتمدة في كليات الطب الرائدة عالميًا، لما لها من دور محوري في تحسين جودة التكوين الطبي، وتقليص هامش الخطأ، وتعزيز جاهزية الطلبة قبل الانتقال إلى الممارسة السريرية المباشرة.
كلية الطب بسوسة مركز إقليمي للطب الصيني ودفع التعاون التونسي-الصيني :
وفي إطار دعم البُعد الدولي للكلية، كشف العميد السابق للكلية أنه تم إبرام اتفاقيات شراكة مع الحكومة الصينية، تقضي بجعل كلية الطب بسوسة مركزًا إقليميًا لتكوين الكفاءات في مجال الطب الصيني. وتهدف هذه المبادرة إلى توسيع آفاق التكوين الطبي، والانفتاح على مدارس طب بديل وتكميلي معترف بها عالميًا، بما يُعزز مكانة الكلية كمؤسسة جامعية رائدة ذات بعد دولي.
كما أكد العميد أن هذه الشراكات تُعد خطوة واعدة نحو تحقيق تعاون مثمر بين تونس والصين، مبرزًا أن هذا التوجه قد يُمهّد الطريق لإطلاق مشاريع استراتيجية أخرى في القطاع الصحي، على غرار مشروع المدينة الطبية بالقيروان.
شراكة تونسية-فرنسية لتكوين أطباء قلب من 17 دولة إفريقية :
وأضاف العميد أن الكلية تُسهم أيضًا في التكوين الإقليمي بالقارة الإفريقية، من خلال دبلوم جامعي مشترك في تأهيل أمراض القلب، يتم تدريسه بالشراكة بين كلية الطب بسوسة وكلية الطب بجامعة تور الفرنسية (Université de Tours). هذا البرنامج يُعدّ من النماذج الناجحة في التعاون الأكاديمي الدولي، حيث يُمضى الدبلوم بصفة مشتركة من طرف عميدي الكليتين، ويستقطب طلبة من 17 دولة إفريقية، مما يُرسّخ دور الكلية كقطب جامعي طبي إفريقي فاعل ومؤثر مشددا على أن الفضل يعود إلى الدكتور و الأستاذ محمد غنام وهو رئيس في الجمعية الفرنسية لأمراض القلب ورئيس قسم بمستشفى فرنسي .
الدكتور خيري يؤكد على جودة التعليم الطبي وضرورة مواكبة التحولات العالمية:
وأكد الدكتور خيري أن التكوين في الكليات الأربع للطب في تونس (تونس، سوسة، صفاقس، المنستير) يتميّز بجودة عالية ويحظى باعتراف دولي، مشيدًا بالكفاءة التي يبرهن عليها خريجوها في الداخل والخارج.
وأكد في ختام اللقاء على أهمية مواصلة الاستثمار في تكوين الكفاءات الطبية، ودعم البحث العلمي، لضمان استمرارية تميز التعليم الطبي في تونس مشدّدا على ضرورة إدماج الابتكار في تطوير المنظومة الصحية، مؤكدًا أن إصلاح التعليم الطبي لا يمكن أن يتم دون مواكبة التحوّلات التكنولوجية العالمية.
ودعا إلى تبنّي أدوات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والتدريس عن بُعد، وتكييف البرامج البيداغوجية مع متطلبات الواقع الصحي الجديد، بما يضمن تكوين أطباء قادرين على مواجهة التحديات المعاصرة والانخراط الفعلي في النظام الصحي الوطني والدولي.
نصرالدين حميدة
Post comments (0)