مهنة محفوفة بالمخاطر: الأطباء الجرّاحون أكثر عرضة للوفاة بنسبة 56%

حلّلت دراسة أمريكية حديثة نُشرت في مجلة JAMA Surgery بيانات الوفيات على المستوى الوطني ووجدت أن الجرّاحين لديهم خطر وفاة أعلى بكثير مقارنةً بالأطباء الآخرين، مما يسلّط الضوء على الأعباء المهنية لممارسة الجراحة.

أظهرت التحليلات أن معدلات الوفاة لدى الجرّاحين كانت أعلى بنسبة 56% مقارنةً بالأطباء غير الجراحين، وهو ما يثير تساؤلات عاجلة حول ظروف العمل، ومصادر الضغط النفسي، والأعباء الحياتية الخاصة بهذه المهنة.

وعلى الرغم من أن عقوداً من الأبحاث تناولت مسألة الوفيات بين الأطباء والمتخصصين في الرعاية الصحية، فإن البيانات الخاصة بالجرّاحين ما تزال محدودة.
ساعات العمل الطويلة، والبيئات عالية الضغط، والعنف في مكان العمل، إضافةً إلى التعرّض المهني للإشعاع المؤيَّن، تجعل الجرّاحين أكثر عرضة للخطر.

نتائج الدراسة
قام الباحثون بفحص سجلات شهادات الوفاة في الولايات المتحدة لعام 2023، من نظام الإحصاءات الحيوية الوطنية، للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و74 عاماً.

تضمنت السجلات بيانات ديموغرافية، وسبب الوفاة، والمهنة المعتادة كما أبلغ عنها المصرّح (المبلِّغ).
تم حساب معدلات الوفيات باستخدام بيانات السكان من المسح الأمريكي للمجتمع لعام 2023، مع تصنيفها بحسب العمر والجنس والمهنة.

وتمت مقارنة أرقام الجرّاحين والأطباء مع سجل الجمعية الطبية الأمريكية للأطباء (AMA Physician Masterfile)، وهو قاعدة بيانات سكانية للأطباء.

كان الأطباء غير الجرّاحين هم المجموعة الأساسية للمقارنة، بينما شمل التحليل المحامين والمهندسين والعلماء نظراً لتشابه مستوى التعليم والدخل لديهم. أما باقي المهن فتم جمعها في مجموعة منفصلة للتحليل.

تم تعديل معدلات الوفيات بحسب العمر والجنس وفقاً للمعيار السكاني الأمريكي لعام 2000 باستخدام أسلوب “المعايرة المباشرة”. واستُخدمت نسب معدلات الوفيات (MRRs) لقياس المخاطر النسبية بين المجموعات المهنية.

شملت الدراسة 1,080,298 حالة وفاة، بينها 224 جرّاحاً (0.02%) و2740 طبيباً غير جرّاح (0.25%).

بلغ معدل الوفيات المعدل بحسب العمر والجنس لكل 100,000 نسمة أعلى لدى الجرّاحين (355.3؛ فاصل الثقة 95%، 274.5–458.8) مقارنةً بالأطباء غير الجرّاحين (228.4؛ فاصل الثقة 95%، 218.7–238.4)، مما أعطى نسبة وفيات نسبية (MRR) تبلغ 1.56 (فاصل الثقة 95%، 1.36–1.78).

وكان معدل وفيات الجرّاحين المعدّل مشابهاً لمعدل وفيات المحامين والمهندسين والعلماء (404.5؛ فاصل الثقة 95%، 397.5–411.6؛ MRR، 0.88؛ فاصل الثقة 95%، 0.77–1.00) لكنه أقل من معدل الوفيات في القوى العاملة عامةً (632.5؛ فاصل الثقة 95%، 631.3–633.7؛ MRR، 0.56؛ فاصل الثقة 95%، 0.49–0.64).

ظلّت السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية الأسباب الرئيسية للوفاة عبر جميع المهن، لكن ظهرت أنماط مميزة لدى الجرّاحين.

جاءت حوادث المرور في المرتبة الرابعة بين أسباب الوفاة الأكثر شيوعاً لدى الجرّاحين، مقارنةً بالمركز التاسع في باقي المهن.

كما كان الجرّاحون أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض مرتبطة بارتفاع ضغط الدم والاعتداءات. وكان معدل الوفيات بالسرطان أعلى بكثير لدى الجرّاحين (193.2؛ فاصل الثقة 95%، 128.2–284.0) مقارنةً بغير الجرّاحين (87.5؛ فاصل الثقة 95%، 81.4–94.0)، مع نسبة وفيات نسبية (MRR) تبلغ 2.21 (فاصل الثقة 95%، 1.75–2.80).

المخاطر المهنية

أظهر الأطباء غير الجرّاحين انخفاضاً في معدلات الوفيات مقارنةً بباقي المهنيين ذوي الدخل المرتفع، لكن هذا النمط لم يُلاحظ بين الجرّاحين.

قد يعكس هذا الخطر المرتفع الاختلافات في متطلبات العمل، والجداول الزمنية، والتعرّضات المهنية. وتشير النتائج إلى أن عدة أسباب للوفاة، مثل حوادث المرور، تؤثر على الجرّاحين بشكل أكبر، وهو ما يتوافق مع بيانات تُظهر أن الحوادث المرورية المرتبطة بساعات العمل الطويلة أكثر شيوعاً بينهم.

إحدى محدوديات الدراسة أنها اقتصرت على بيانات عام 2023 فقط، مما حال دون تحليل اتجاهات الوفيات السنوية.
كما أن العدد القليل من وفيات الجرّاحين يعكس حجم القوة العاملة، إذ شملت الدراسة جميع الوفيات المؤهلة.

المصدر : مجلة الطب الباطني (Journal of Internal Medicine) +بتصرف